في أوقات الأزمات – سواء كانت حروبًا، نزاعات، أو كوارث طبيعية – يصبح التعليم أكثر من مجرد حق أساسي؛ إنه أداة للبقاء والأمل. وفي غياب استقرار المؤسسات الرسمية، يبرز دور المجتمع المدني كقوة إنسانية تدافع عن حق الأطفال والشباب في التعلم، وتحمي مستقبلهم من الضياع.
يلعب المجتمع المدني، بما يشمله من منظمات غير حكومية، جمعيات محلية، متطوعين، وروابط أهلية، دورًا محوريًا في ضمان استمرارية التعليم أثناء الأزمات. فهو يوفر التعليم البديل عبر إنشاء مدارس مؤقتة أو فصول متنقلة في المخيمات والمناطق المتضررة، لضمان استمرار العملية التعليمية رغم غياب البنية التحتية. كما يقدم دعمًا نفسيًا واجتماعيًا للطلاب المتأثرين بالأحداث الصادمة، مما يساعدهم على استعادة القدرة على التعلم والانخراط في بيئة تعليمية آمنة.
ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل يبتكر المجتمع المدني حلولًا تقنية مثل التعليم عن بُعد والفصول الافتراضية والمكتبات الرقمية للوصول إلى الطلاب في الأماكن المعزولة أو غير الآمنة. ويقوم أيضًا بحشد الموارد عبر جمع التبرعات، توفير المستلزمات المدرسية، ودعم المعلمين بالمواد التدريبية اللازمة لضمان جودة التعليم. كما يعمل على المناصرة والدفاع عن الحقوق من خلال الضغط على الحكومات والمؤسسات الدولية لتأمين التمويل والسياسات التي تحمي حق التعليم أثناء الأزمات.
في حالات مثل الأزمة السورية أو النزوح في السودان، أثبتت منظمات المجتمع المدني قدرتها على سد فجوات كبيرة، وتقديم التعليم حتى في أصعب البيئات، حيث يصبح الكتاب والسبورة رمزًا للمقاومة والصمود.
في زمن الأزمات، لا يمكن ترك التعليم ليكون ضحية الظروف. إن دور المجتمع المدني في حماية هذا الحق الحيوي ليس مجرد مساندة، بل هو جسر عبور نحو مستقبل أفضل. فكل مبادرة، كل صف دراسي، وكل ساعة تعليمية وسط الركام، هي رسالة تقول للأطفال: “المستقبل ما زال ملككم… والعلم مفتاحه”.